قمة عربية بكأس العرب تجمع عملاقين
شهد مساء يوم الاثنين 8 ديسمبر 2025 على أرض ملعب لوسيل في قطر، واحدة من أبرز المواجهات العربية في منافسات كأس العرب 2025، حيث التقى منتخب المغرب بنظيره منتخب السعودية في ختام مباريات المجموعة الثانية. جاء هذا اللقاء في إطار صراع مشروع على صدارة المجموعة، حيث دخل الأخضر اللقاء بصدارة الترتيب برصيد 6 نقاط كاملة، بينما حل المغرب في المركز الثاني برصيد 4 نقاط. على الرغم من أن السعودية كانت قد ضمنت تأهلها الرياضي بالفعل بعد فوزين متتاليين في الجولتين الأولى والثانية، إلا أن المواجهة حملت أهمية كبيرة لتحديد هوية صاحب الصدارة التي تضمن مساراً أفضل في الأدوار الإقصائية المقبلة.
لقد كانت الأجواء مشحونة بتوقعات جماهيرية عريضة من الجانبين، خاصة مع التاريخ الكروي المميز لكلا المنتخبين والتنافس الشريف الذي يجمع بينهما. منتخب المغرب، الذي يُعرف بـ"أسود الأطلس"، جاء ممثلاً بقوة في هذه البطولة برغم اعتماده على تشكيلة شابة وتجريبية إلى حد ما، في حين مثل منتخب السعودية "الأخضر" نموذجاً للانضباط والتنظيم تحت قيادة المدرب الفرنسي المخضرم هيرفي رينارد. وأثبت اللقاء أن المنافسة العربية في كرة القدم قد وصلت إلى مستويات عالية من الاحتراف والتكتيك.
المغرب يحسم القمة بهدف مبكر ويدفع السعودية للوصافة
انطلقت مباراة المغرب والسعودية في السابعة مساءً بتوقيت القاهرة (الثامنة بتوقيت الدوحة) وسط حضور جماهيري لافت في الملعب الأولمبي العملاق. سارعت تشكيلة المغرب التي أعلن عنها مدربها طارق السكتيوي بفرض سيطرتها ووتيرة اللعب، ونجحت في تحويل هيمنتها المبكرة إلى هدف ملموس.
الهدف الحاسم واللحظة الفارقة
في الدقيقة 11 فقط من عمر الشوط الأول، تمكن النجم كريم البركاوي من تسجيل الهدف الوحيد في شباك منتخب السعودية، ليضع فريقه في المقدمة مبكراً. جاء الهدف ثمرة لهجوم منظم من جانب المغرب، أظهر حرفية في التنفيذ. واصل أسود الأطلس ضغطه محاولاً زيادة رصيده، بينما بدا المنتخب السعودي في حاجة إلى وقت لتنظيم صفوفه واستيعاب صدمة الهدف المبكر.
لكن السعودية لم تستسلم، وتمكنت من خلق فرصتها الذهبية لتعادل النتيجة في الدقيقة 66، عندما حصلت على ركلة جزاء بعد العودة إلى تقنية الفيديو المساعد (VAR). تولى تنفيذها المهاجم عبدالله الحمدان، إلا أنه أهدرها بشكل غريب، محبطاً فرصة فريقه في العودة إلى النقاط. شكلت هذه اللحظة نقطة تحول حاسمة في مجرى اللقاء، حيث حافظ المغرب على تركيزه الدفاعي في المتبقي من الوقت ليجني ثمار فوزه القيم.
تشكيلتا الفريقين والأداء التكتيكي
لعب منتخب المغرب في هذا اللقاء بتشكيلة اعتمدت على حارس المرمى مهدي بنعبيد، وخط دفاع تكون من سفيان بوفتي، مروان سعدان، محمد بولوكسوت، وحمزة الموساوي. وتربع على وسط الملعب كل من محمد ربيع حريمات، وليد الكرتي، أنس باش، وأمين زحزوح، بينما تكلف بمهمة الهجوم طارق تيسودالي وهداف المباراة كريم البركاوي.
من جهته، بدأ منتخب السعودية اللقاء بحارس المرمى عبد الرحمن الصانبي، وظهر في خط الدفاع علي مجرشي، وليد الأحمد، محمد سليمان، وعبد الإله العمري. وتألف خط الوسط من نواف بوشل، مراد هوساوي، ومصعب الجوير، فيما تقدم للهجوم صالح الشهري، صالح أبو الشامات، وعبد الرحمن العبود. غاب عن تشكيلة المغرب المهاجم عبدالرزاق حمدالله بسبب الإيقاف بعد حصوله على بطاقة حمراء في المباراة السابقة أمام عمان.
انعكاسات النتيجة: صدارة للمغرب وتأهل مشترك للدور المقبل
أحدثت نتيجة مباراة المغرب والسعودية تغييراً في ترتيب المجموعة الثانية، حيث قفز منتخب المغرب إلى صدارة المجموعة برصيد 7 نقاط، بينما تراجع منتخب السعودية إلى المركز الثاني برصيد 6 نقاط.
جدول ترتيب المجموعة الثانية النهائي بعد مباراة المغرب والسعودية:
| المركز | المنتخب | النقاط | الأهداف المسجلة | الأهداف المستلمة |
|---|---|---|---|---|
| 1 | المغرب | 7 | 4 | 1 |
| 2 | السعودية | 6 | 5 | 3 |
| 3 | عمان | 4 | 3 | 3 |
| 4 | جزر القمر | 0 | 3 | 8 |
وبهذه النتيجة، تأهل كلا المنتخبين، المغرب والسعودية، إلى دور ربع النهائي من بطولة كأس العرب 2025، بينما ودعت عمان المنافسة رغم فوزها في الجولة الثالثة على جزر القمر بنتيجة 2-1، حيث احتلت المركز الثالث برصيد 4 نقاط، وهو ما لم يكن كافياً للتأهل ضمن أفضل مركزين ثالثين. وأظهرت هذه النتائج قوة المجموعة التي ضمت فرقاً متقاربة المستوى إلى حد كبير.
المباريات القادمة: مواجهات نارية في ربع نهائي كأس العرب
بناءً على النتائج النهائية للمجموعات، تم تحديد مواجهات دور ربع النهائي، حيث ستشهد منافسات حاسمة تقترب بالفائزين أكثر من حلم اللقب.
مسار المغرب في ربع النهائي
بصفته صاحب صدارة المجموعة الثانية، سيواجه منتخب المغرب المنتخب السوري، الذي احتل المركز الثاني في المجموعة الأولى. يُتوقع أن تكون هذه مواجهة مثيرة بين فنيين، حيث سيحاول أسود الأطلس الاستفادة من دفعه بفوز معنوي مهم على السعودية لمواصلة مشواره بنفس الحماس. ويمثل اللقاء اختباراً حقيقياً لقدرة التشكيلة المغربية الشابة على تحمل ضغط الأدوار الإقصائية.
مسار السعودية في ربع النهائي
من جهته، سيلعب منتخب السعودية في ربع النهائي ضد المنتخب الفلسطيني، صاحب المركز الثاني في المجموعة الثالثة. سيكون على الأخضر، تحت قيادة رينارد، إعادة ترتيب أوراقه بسرعة واستخلاص الدروس من الخسارة أمام المغرب. يتمتع الفريق السعودي بخبرة كبيرة في مثل هذه المواقف، ومن المتوقع أن يشهد رد فعل قوياً من لاعبيه الذين يدركون أن طريق العودة للانتصارات يبدأ من هذه المواجهة الحاسمة.
جدول مباريات ربع نهائي كأس العرب 2025 ذات الصلة:
| المباراة | الفريق الأول | الفريق الثاني | ملاحظات |
|---|---|---|---|
| 1 | فلسطين | السعودية | مواجهة عربية مشوقة |
| 2 | المغرب | سوريا | صراع بين فرق طموحة |
نظرة على بقية قرعة ربع النهائي
إلى جانب المواجهتين السابقتين، ستشهد منافسات ربع النهائي أيضاً لقاء بين منتخب الأردن ووصيف المجموعة الرابعة، وكذلك بين متصدر المجموعة الرابعة ووصيف المجموعة الثالثة. وتجدر الإشارة إلى أن بطولة كأس العرب 2025 التي انطلقت في الأول من ديسمبر، من المقرر أن تختتم في الثامن عشر من الشهر ذاته على الأراضي القطرية.
خلفية تاريخية وتحليل لأداء الفريقين
تُعتبر المواجهات بين المغرب والسعودية من اللقاءات العربية المميزة التي تجمع مدرستين كرويتين لهما بصمتهما الخاصة. وبحسب السجلات التاريخية، فإن المنتخبين التقيا 8 مرات سابقاً قبل لقاء كأس العرب 2025. وكانت حصيلة تلك المواجهات قد انحازت قليلاً لصالح السعودية التي حققت 4 انتصارات، بينما فاز المغرب في مرتين، وانتهت مباراتان بالتعادل.
من الناحية التكتيكية، يمثل فوز المغرب في هذه المباراة إنجازاً يستحق الدراسة. فبالإضافة إلى الهدف المبكر، أظهر الفريق انضباطاً دفاعياً عالياً، خاصة بعد حصول السعودية على ركلة الجزاء. كما أن غياب المهاجم الرئيسي عبدالرزاق حمدالله بسبب الإيقاف لم يؤثر سلباً على القوة الهجومية للفريق، مما يدل على عمق القاعدة الكروية التي يتمتع بها.
بالنسبة للسعودية، ورغم الخسارة، فإن أداء الفريق خلال مباريات المجموعة كان مقنعاً إلى حد كبير. فقد تمكن الأخضر من تحقيق فوزين مهمين قبل هذه المواجهة، وأظهر روحاً قتالية واضحة حتى اللحظات الأخيرة من مباراة المغرب. ويمثل المهاجم سالم الدوسري أحد أهم الأسلحة السعودية، حيث بات أول لاعب في تاريخ المنتخب السعودي يسجّل هدفاً واحداً على الأقل في خمس بطولات كبرى بالإضافة إلى تصفيات كأس العالم.
طريق نحو المجد لا يزال مفتوحاً
ختاماً، شكلت مباراة المغرب والسعودية في كأس العرب 2025 عرضاً كروياً رفيع المستوى، تجلت فيه قوة الكرة العربية وقدرتها على تقديم عروض تنافسية مشوقة. لقد نجح المنتخب المغربي في تحقيق فوز معنوي مهم يعزز ثقته قبل مواجهة سوريا في ربع النهائي، بينما خرج المنتخب السعودي من المباراة بدرس قد يكون مفيداً في رحلة البحث عن اللقب، خاصة قبل مواجهة فلسطين في الدور ذاته.
طريق الكأس لا يزال طويلاً، وتنتظر كلا الفريقين تحديات كبيرة في الأدوار الإقصائية. الجماهير العربية تتطلع إلى استمرار هذا المستوى من المنافسة الشريفة والأداء التقني الراقي، مما يعكس التطور الكروي الحاصل في منطقتنا. سواء كان اللقب من نصيب المغرب أو السعودية أو أي فريق عربي آخر، فإن البطولة قد نجحت بالفعل في تقديم كرة قدم ممتعة وتنافسية تستحق المتابعة.