في ليلة جمعت بين البرد القارس في المدرجات ودفء القلوب العربية، كتبت كأس العرب 2025 في الدوحة واحدة من أجمل قصصها. فلسطين وسوريا، المنتخبان اللذان يحملان في قلوب جماهيرهما جراحاً وأملاً، تأهلا معاً إلى دور الثمانية بعد تعادل تاريخي سلبي في الجولة الأخيرة من المجموعة الأولى. لم تكن شباك المباراة التي جمعتهما على ملعب المدينة التعليمية هي الفائز الوحيد، بل كانت الروح الرياضية والإرادة القوية هي العلامة البارزة.
تفاصيل التأهل ومواجهات ربع النهائي
بعد نهاية الصافرة، رفع منتخب فلسطين رصيده إلى 5 نقاط ليتصدر المجموعة الأولى بفارق الأهداف عن منتخب سوريا الذي جمع نفس الرصيد. وحسمت نتائج المباريات الأخرى مصير المجموعة، حيث ودع منتخبا قطر وتونس البطولة بعد حصد الأول نقطة واحدة فقط، والثاني 4 نقاط.
· منتخب فلسطين: سيواجه صاحب المركز الثاني في المجموعة الثانية.
· منتخب سوريا: سيواجه متصدر المجموعة الثانية.
وتجري منافسات المجموعة الثانية بين السعودية المتصدارة بست نقاط، والمغرب بأربع نقاط، وعمان بنقطة، وجزر القمر التي ودعت المنافسة بدون نقاط.
فرحة تتجاوز الملاعب: فلسطين وسوريا تلهبان المشاعر
يحمل تأهل هذين المنتخبين رمزية عاطفية هائلة، تجاوزت أرض الملعب إلى قلوب الملايين في الوطن العربي والعالم.
· فلسطين: فوز للروح: تحول فوز فلسطين في مباراتها الافتتاحية على قطر، ومن ثم تأهلها، إلى نسمة فرح لأبناء شعبها، لاسيما في غزة الذين تابعوا المباراة في خيامهم وسط الظروف الصعبة. عبر المدرب إيهاب أبو جزر عن هذا المعنى بقوله: "نلعب كرة القدم لهدفين، أولهما أن نثبت أن شعب فلسطين حي وعايش ومستمر ويطالب بحقوقه". ووثقت الكاميرات لحظة فرحه الغامرة عند صافرة النهاية، وهي صورة قوية تجسد انتصار الإرادة.
· سوريا: وحدة وطنية: شهد المنتخب السوري أيضاً تفاعلاً شعبياً استثنائياً، حيث توحد السوريون خلف فريقهم في مشهد يلملم جراح سنوات الحرب، خاصة بعد التغيرات السياسية الأخيرة. وجاء تأهلهم ليعيد إشعال الأمل في عودة كرة القدم السورية إلى سابق عهدها.
كأس العرب: أكثر من بطولة
تبدو بطولة كأس العرب في نسختها الحادية عشرة، والتي تستضيفها قطر للمرة الثانية على التوالي، كفعالية رياضية تسعى لتعزيز الوحدة الثقافية والوجدانية.
· رمزية الافتتاح: تميز حفل الافتتاح بتكريس الرمزية العربية، من خلال دمج الأناشيد الوطنية، وعرض مجسم للمسجد الأقصى.
· جحا حكيم العرب: اختيار شخصية "جُحا" التراثية كتميمة رسمية للبطولة، يؤكد رغبة المنظمين في ربط الحدث الرياضي بالهوية والتراث الشعبي العربي الأصيل، مما أثار تفاعلاً وإعجاباً واسعاً.
· استضافة مميزة: يُتوقع أن تكون نسخة 2025 الأفضل، حيث منح الاتحاد الدولي "فيفا" قطر حق استضافة البطولة حتى نسخ 2029 و2033، تقديراً لخبرتها التنظيمية المتميزة بعد نجاح كأس العالم 2022.
تأهل فلسطين وسوريا إلى دور الثمانية في كأس العرب 2025 هو قصة إنسانية ورياضية بامتياز. إنها قصة منتخبين يحملان أمال شعوب رأت في نجاحهما انتصاراً للروح على كل الظروف. وبهذا، تثبت كأس العرب أنها ليست مجرد منافسة على لقب، بل هي منصة للوحدة والفرح والأمل المشترك، ملبيةً بذلك "وصية" تميمتها جحا التي تدعو للحكمة والتفاؤل وحكمة الشعب العربي.
